العقيدة الإسلامية
والفرق بين العقيدة والحكم الشرعي
من حق العقيدة علينا ، أن نشبعها بحثاً ، حتى يبقى الإنسان مميزاً بالإيمان القوي ، والعقل السليم والمعرفة الصحيحة ، وأن تبقى رايةُ الإيمان بأصول وأركان الدين في الإسلام مرفوعة وظاهرة وأدلتها قوية وواضحة ، وثمراتها في سلامة الأفراد وعزَّة الأمة متحققة .
إن الضلال والفساد ،لم يستطيع أن يسود بلادنا إلا في غيبة الإيمان الصحيح ، وإننا لنلمح عودة الجاهلية الأولى ، تطارد عقيدة التوحيد ، في أكثر من ميدان ، لذا كان واجباً على كل مسلم يؤمن بالله ، أن يُرَّكز على موضوع العقيدة ،حتى تترسَّخ في قلوب الناس لحاجتهم إلى الإيمان والعقيدة ، فلا غنى لهم عن الإيمان بالله ، وعبادته بحال من الأحوال ومن هنا لم تخل أمةٌ وجدت على وجه الأرض ، من عقيدة ودين ، مصداقاً لقوله تعالى: {وإن من أمةٍ إلا خلا فيها نذير}فاطر 24 . أما الإيمان : فهو التصديق بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مما علم من الدين بالضرورة أو ما أشبهها من الأدلة القطعية . وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر عندما سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم قال : (فأخبرني عن الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) أخرجه مسلم . وهذا التفسير هو تعريف العقيدة .
أما الإسلام : فهو الامتثال والانقياد لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم مما علم من الدين بالضرورة أو قام عليه الدليل القطعي ، وقد جاء تفسير الإسلام في حديث جبريل . (وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟ قال : أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ) أخرجه البخاري .
وهذه هي الأركان التي بني عليها الإسلام .
وقد وجد علم التوحيد لبيان العقيدة ، وإقامة الأدلة القطعية على صدقها وصحتها . وهذا العلم هو : إفراد المعبود بالعبادة ، مع اعتقاد وحدته والتصديق بها ذاتاً وصفات وأفعالا . وقد اشتهر بعلم التوحيد ، لأن مبحث الوحدانية أشهر مباحثه ، ويسمى علم الكلام كما ذكره الباجوري في حاشيته على الجوهرة
وقد وردت تسمياتٍ عدة لعلم التوحيد وهي ثلاثة : علم العقيدة وعلم الكلام وأصول الدين .
أما علم العقيدة : فهو الذي يبحث فيما يجب على الإنسان أن يعتقده ويؤمن به ويقيم عليه الدليل اليقيني ، كما يطلق أيضاً على المبادئ الدينية نفسها التي ثبتت بالدليل اليقيني . وعلم الكلام : وهو الذي يبحث في العقائد ، بالأدلة العقلية والردِّ على المخالفين ، وأخيراً أصول الدين : وهو يطلق على المبادئ العقدية التي ثبتت بالأدلة اليقينية .
أما مصادر المعرفة في العقيدة الإسلامية : فهي عالم الغيب وعالم الشهادة .
أما عالم الشهادة : فإنه يطلق على الأشياء المادية التي اتصلت بها حواسنا وشهدناها شهوداً حسِّيا . وعالم الغيب : يطلق على الأمور الغائبة عن شهودنا ، وعالم الحس فينا ، فالروح مثلاً إن لم نحس بها إحساساً ظاهراً ، فإننا قد آمنا بها استدلالاً بآثارها فينا كالكهرباء والجاذبية التي ندركها من آثارها ، أما طريق معرفة كلٍّ منهما فإن عالم الغيب يمكن الوصول إلي معرفته معرفةً حقيقية بالوحي الإلهي الذي جاء به الرسل ويصل إلينا عن طريق الخبر الصادق المتواتر .
وأما عالم الشهادة فطريق الوصول إلى معرفته بالتأمل والتفكر والنظر العقلي والتجربة والمشاهدة . إن الأيمان بالله ، من عناصر العقيدة الإسلامية الأساسية ندعوه بأسمائه ، ونصفه بصفاته ، غير مشبهين صفاته بصفات المخلوقين ، ولا مؤولين لها ولا معطلين ، مع الاعتقاد الراسخ ، بأن الله ليس كمثله شيء وبالعجز الكامل عن إدراك كنه ذاته تعالى أو كنه صفاته الذاتية على حد سواء ،كما نؤمن بوحدانيته ، ونفي الشريك في ربوبيته وعبوديته .
ويحرم الكلام عن ذات الله تعالى والتفكير فيها ، ومحاولة إدراك كنهيها ، ومعرفة حقيقتها لما ثبت شرعاً النهي عن ذلك ، لاستحالة ذات الله عقلاً ولأنه لا تدركه الأبصار فكان لا بد لكل إنسان حتى يدركه ، أن يُقِرَّ من داخل عقله وقلبه ، بأن لهذا النظام منظماً ، وأن للسماء والأرض خالقاً وأن الأثر يدل على المسير .
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف رأيت ربك ؟ فأجاب قائلاً : ( نورٌ أنى أراه ) . وقد وضع السلف الصالح معياراً دقيقاً لذلك فقالوا : "كل ما خطر ببالك فإنه هالك والله بخلاف ذلك " .
وسئل أبو بكر الصديق بما عرفت ربك ؟ فقال : "عرفت ربي بربي ، ولولا ربي ما عرفت ربي فقيل له : فكيف عرفت ربك ؟ قال : العجز عن إدراك الإدراك إدراك ، والبحث عن ذات الله إشراك" .
وإذا ما سألك سائل أين الله ؟ فقل له أين أنت ؟ حتى تعلم أين الله ، فالله ليس بجسمٍ ولا صوره ولا معدودٍ ولا محدود ، ولا متبعضٍ ولا متجزئ ولا متلونٍ ولا متكيف ، لا يسأل عنه بمتى كان ؟ لأنه خالق الزمان ، ولا يسأل عنه بأين هو ؟ لأنه خالق المكان فكل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك ، هو الأول لا شيء قبله ، الآخر لا شيء بعده الظاهر لا شيء فوقه ، الباطن لا شيء تحته كلُّ شيء قائم به ، وكل شئ خاشع له ، عزُّ كل ذليل ، وغني كل فقير، وقوة كل ضعيف من تكلم سمع قوله ، ومن سكت علم سرّه ومن عاش فعليه رزقه ، ومن مات فإليه منقلبه ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
وقيل للإمام علي هل رأيت ربك ؟ قال: "وكيف أعبد مالا أرى ؟ فقيل له كيف رأيته ؟ قال : إذا كانت العيون لا تراه بمشاهدة العيان ، فإن القلوب تراه بحقيقة الإيمان سبحانك ربي يا من تنزه عن الشريك ذاته ، بالبر معروف وبالإحسان موصوف ، علم ما كان وعلم ما يكون ، وعلم ما لا يكون ، لو كان كيف كان يكون " . وقيل للإمام مالك : ما معنى قوله تعالى الرحمن على العرش استوى ؟ فقال :" الاستواء معلوم والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعه ، والإيمان به واجب ، فمن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ لأنه تعالى كان ولا مكان ، وهو على ما كان قبل خلق المكان لم يتغير عما كان " . ما اجمل وأروع واسلم هذه العقول ، التي عرفت فأصدرت حكمها عدلاً وصدقاً .
سأل بعض الماديين الإمام أبو حنيفة : "هل أبصرت ربك ؟ قال : سبحان ربي لا تدركه الأبصار ، قال هل أحسسته بأحد حواسك ؟ قال أبو حنيفة سبحان ربي ليس كمثله شيء ، فقال السائل : إن لم تكن أحسسته ولا أبصرته فمن أين تثبت أنه موجود ، قال الإمام : يا هذا هل أبصرت عقلك ؟ قال : لا قال: هل سمعت عقلك ؟ قال: لا قال هل احسسته ببعض حواسك ؟ قال : لا فقال له الإمام : أأنت عاقل أم مجنون ؟ قال : أنا عاقل فقال الإمام : فأين عقلك ؟ قال : موجود ، فقال الإمام :كذلك الله جل جلاله موجود " .
إن الإيمان من أفضل الأعمال ، وأشرف الوسائل التي يتوسل بها إلى الله ، للحصول على مرغوب أو النجاة من مرهوب ، فقد رضيه الله وسيلةً إليه وأثنى على المتوسلين به في قوله تعالى: ﴿ ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ﴾ آل عمران 16 . والوسيلة : هي التقرب إلى الله تعالى بعمل صالح طلباً للقرب منه وهي مندوبٌ إليها لقوله تعالى : ﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة ﴾ المائدة 35 . ولفظ الجلالة الوسيلة أطلق على أعلى درجه في الجنة ، قال صلى الله عليه وسلم: ( ثم سلوا الله لي الوسيلة ، فإنها منزله في الجنة ، لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله ) .
أما الوسائل المحرمة فهي : الاستعانة بالأولياء والصالحين ، والتوسل بجاههم والنذور إليهم والذبائح على أرواح الأولياء وأضرحتهم وسؤال الله بجاه نبيه أو عبده فلان ، هذا كله غير جائز .
وأما الإيمان بالملائكة الذين خلقهم الله من نور وطبعهم على الخير، يفعلون ما يؤمرون فالإيمان بهم من عناصر العقيدة الإسلامية ، ومنها الإيمان بالكتب ، وذلك بالتصديق الجازم بما أوحى الله من كلامه الخاص ، على من اصطفى من رسله عليهم السلام .
ومنها الأيمان بالرسل ، وخاصة أولوا العزم منهم وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام ، ومنها الإيمان باليوم الآخر وهو التصديق بيوم القيامة الذي ينتهي به الكون وتنتهي فيه هذه الحياة الدنيا بكاملها وتبدأ حياة أخرى ، وهي الدار الآخرة بكل ما فيها من الخلائق ، وحشرهم وحسابهم ومجازاتهم .
ومنها القضاء والقدر : وهو أفعال العباد التي تقع في الدائرة التي تسيطر عليه والخاصيّات التي يحدثها في الأشياء . أما الإيمان بالقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله ، فهو الإيمان بأن أفعال الإنسان التي تحصل جبراً عنه ولا قبل له بدفعها والخاصيّات التي تحدث في الأشياء ، هي من الله وليست من العبد ، ولا دخل له فيها ، وبذلك تخرج الأفعال الاختيارية عن بحث القضاء والقدر لأن هذه الأفعال ، حصلت من الإنسان أو عليه باختياره . ولا يجوز أن يحتج المسلم بإرادة الله وقدره ، على الذنوب والمعاصي ، التي يأتيها العبد مريداً لها ، وهو يعلم أن الله قد حرَّمها على عبادة وكرهها لهم ومنهم ، وأنزل بذلك كتبه وبعث رسله بخلاف المصائب التي تصيب الإنسان ولم يكن قد تسبب فيها بترك طاعة أو مخالفه سنه ، لأنه لم يكن بإرادة منه واختيار، وإنما هو مجبور على ذلك فالعقول وما فيها من ذكاء أو غباء ، والأجسام وما تكون عليه من طول أو قِصَر ، والزمان الذي يولد فيه الإنسان ، والمكان الذي يحيا فيه ، والبيئة التي ينشأ في ظلها ، والحياة والموت والصحة ، والمرض والسعه والضيق ، ذلك لا يد للإنسان فيه ، وهو ليس محل مؤاخذه ولا موضع حساب .
وقد تعهد الله بإعطاء الأجر للمؤمن الذي تحلُّ به مصيبة من هذه المصائب فقال عليه السلام في الحديث الذي رواه البخاري : ( ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا همٍّ ولا حزنٍ ولا أذى ولا غمٍّ ، حتى الشوكة يشاكها ، إلا كفَّر الله بها من خطاياه ) . أما الجانب الآخر من الأعمال التي يقوم العبد نفسه بفعله ،مختاراً غير مجبر فالإنسان يُسأل عن هذا الفعل ، لأنه يقع في الدائرة التي يسيطر عليها الإنسان . سأل الحسن البصري ، الحسن بن علي مستفهماً عن القضاء والقدر فأجاب : من حمل ذنبه على ربه فقد فجر ، إن الله لا يطاع استكراها ولا يُعصى بغلبة فإن عمل الناس بالطاعة ،لم يحل بينهم وبين ما عملوا ، وإن عملوا بالمعصية فليس هو الذي أجبرهم ولو أجبرهم على الطاعة لأسقط الثواب ، ولو أجبرهم على المعصية لأسقط العقاب ، ولو أهملهم لكان عجزاً في القدرة ، فإن عملوا بالطاعة فله المنة ، وإن عملوا بالمعصية فله الحجة عليهم .
أما الإرادة : فإنه لا يقع في ملك الله أي فعل سواء كان ذلك خيراً أو شراً إلا بإرادته . والإرادة هنا معناها أنه لا يقع في ملكه شيء جبراً عنه ، فإذا عمل العبد عملاً ولم يمنعه الله منه ولم يجبره عليه ، بل تركه مختاراً ،كان فعله هذا بإرادة الله ، لا جبراً عن الله ، أما فعل العبد نفسه فهو باختياره ، بمعنى أن الإرادة هنا غير مجبره على الفعل ، لأنها لا دخل لها في الأفعال الاختيارية وعليه فالبحث يكون ، هل العبد مجبر على الفعل أم مختار؟ وليس أن الله أراد الفعل أو لم يرده فإذا ثبت أن الفعل قام به العبد مختاراً في دائرة الأفعال الاختيارية ، وهي التي تقع ضمن نطاق الأوامر والنواهي ، التي أوضحها الله ورسوله والتي يسيطر عليها الإنسان ولم يجبر عليها ، فهذه الأفعال غير داخله في مجال القضاء والقدر
وأخيراً الهداية والضلال : فالإنسان هو الذي يهتدي ، وهو الذي يضل يهتدي مختاراً ويضل مختاراً ، دون أي إجبار ، فالهدى والضلال من الإنسان نفسه لأنه فعل من أفعاله كسائر الأفعال الاختيارية ، بصريح الآيات القرآنية . قال تعالى : ﴿ فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ﴾ الإسراء 15 . وقوله : ﴿ فإن اسلموا فقد اهتدوا ﴾ آل عمران 20 .
إن القارئ لهذه الآيات وأمثالها ، يجد أن الله رتب الحساب على أعمال الناس . قال تعالى: ﴿ من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها ﴾ فصلت 46 .
أما لو كان الأمر كما يقول الجهلاء ، بأن الله هو الذي يهدي الإنسان ، وهو يضله ، وليس الإنسان نفسه ، فإن حساب الله للناس ، وتعذيبهم على الضلال حسب فهمهم ظلم ، لأنه حساب لهم على شيءٍ لم يفعلوه ، وإنما بأمرٍ منه والله منزه عن الظلم . فالإنسان هو الذي يضل ويهتدي ، ومحاسبته على ذلك عدلٌ لأنها محاسبةٌ على فعل فعله هو. أما الآيات التي تدل على نسبه الهداية والضلال إلى الله ، فذلك يعني أن الله خلق الهداية والضلال من العدم ، وليس أن الله هو الذي باشر فعل الهداية ، مثال ذلك قال تعالى: ﴿ قل الله يهدي للحق ﴾ يونس 35 . وقال : ﴿ من يهد الله فهو المهتد ﴾ الإسراء 97 . هذه الآيات وامثالها في القرآن الكريم ، لا تعني أن الله باشر الهداية ، إنما تعني أن الله خلق الهداية .
كما لا يقال ان الهداية استندت إلى الله ، لأن هناك قرينه تصرف الأشياء عن الفعل إلى الخلق ، وهي الآيات التي تسند الهداية إلى الإنسان نفسه قال تعالى: ﴿ وما أضلنا إلا المجرمون ﴾ الشعراء 99 . وقال : ﴿ربنا هؤلاء أضلونا ﴾ الأعراف 38 . يقي موضوع الآيات التي اقترنت فيها الهداية والضلال بمشيئة الله ، فهذه تفيد بأنه لا يهتدي أحدٌ جبراً عن الله ، أو يضل جبراً عنه ، وليس معناها أن إرادة الله هي التي فعلت الفعل ، قال تعالى : ﴿ ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ﴾ النحل 93 . فإضلال الله لشخصٍ معناه : أن هذا الشخص آثر الغي على الرشاد وسعى إليه فناله . قال تعالى : ﴿ فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين ﴾ الصف 5 . وقال : ﴿ ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ﴾ الأنفال 23 . فمعنى يضل من يشاء لا يعدو قوله تعالى : ﴿ وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ﴾ البقرة 26 . هذه هي أهم عناصر العقيدة .
أما الفرق بين العقيدة والحكم الشرعي .
العقيدة لغةً : ما عقد عليه القلب ، ومعنى عقد عليه أيّ جزم به ، أيّ صدقه يقينا . فإن كان التصديق بأمر أساسي أو متفرعاً عن أمرٍ أساسي ، فإنه يصح أن يتخذ مقياساً لغيرة فيكون لانعقاد القلب عليه أثر يدفع لتعيين موقف تجاهه من التصديق والتكذيب فيكون من العقيدة والعقيدة هي الفكرة الكلية عن الكون والإنسان والحياة ، وما قبل الحياة الدنيا وما بعدها .
فالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تعالى هو العقيدة الإسلامية . والإيمان بالجنة والنار والملائكة والشياطين هو من العقيدة ، كذلك الأفكار وما تعلق بها ، والأخبار وما يتعلق بها من المغيبات التي لا يقع عليها الحس تعتبر من العقيدة أيضا .
أما الأحكام الشرعية : فهي خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد ، كالبيع والكفالة والصلاة وإقامة حدود الله وما شابه ذلك ، فإنه يعتبر من الأحكام الشرعية والتوحيد .
أما البعث والحساب والعذاب وكون القرآن كلام الله وما شابه ذلك ، فإنه يعتبر من العقيدة . والعقائد أفكار تصدق ، والأحكام الشرعية خطاب يتعلق بفعل الإنسان ، فمثلاً ركعتا صلاة الفجر ، الحكم الشرعي من حيث صلاتهما والتصديق بكونهما من الله عقيدة ، وكذلك قطع يد السارق وتحريم الربا ،كون ذلك من الله فحكمه الشرعي والتصديق به عقيدة ، وصلاة سنة الفجر ، لو لم يصلها لا شئ عليه ، ولو صلاها له ثواب وذلك ينطبق على بقية السنن من حيث الحكم الشرعي . أما من حيث العقيدة فالتصديق بركعتي الفجر أمر حتمي ، وإنكارهما كفر ، لأنهما ثبتا بطريق التواتر .
أما التصديق بركعتي المغرب فمطلوب ، لكن إنكارهما لا يعتبر كفراً ، لأنهما ثبتتا بدليل ظني وهو خبر آحاد ، وهو ليس بحجة في العقائد وعليه فالعقيدة هي الإيمان ، والإيمان : هو التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل يتوفر فيه القطع واليقين . أما الحكم الشرعي : فهو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد ويكفي فيه الظن . فيكون أدراك الفكر ، وهو الحكم على الشيء والتصديق بوجوده أو عدم وجوده هو عقيدة . وإدراك الفكر واعتباره معالجة كفعل من أفعال الإنسان أو عدم اعتباره معالجة هو حكم شرعي ، وفي اعتبار الفكر معالجة يكفي الدليل الظني أما لأجل التصديق بوجود دوافع الفكر فلا بد من الدليل القطعي .